لماذا لا نقرأ ونحن أمة اقرأ ؟!؟

في زمن من الأزمنة سئل أحد العباقرة : لماذا تقرأ كثيرا ؟ فقال : لأن حياة واحدة لا تكفيني ..
وقد قيل في أهمية القراءة : ( الإنسان القارئ تصعب هزيمته ) ..
كما يقال أيضا أن " قارئ اليوم قائد الغد "..
وقيل " إن بيتا بلا كتاب هو بيت بلا روح "
" كل ما فاتك في الحياة تجده في المكتبة "
وأختم هذه الجولة الثرية في جزيرة ملأى بالحكم بتلك المقولة التي تقول :
"القراءة مفتاح المعرفة وطريق الرقي ، وما من أمة تقرأ إلا ملكت زمام القيادة وكانت في موضع الريادة "
وبعد هذه الجولة السريعة في عالم الأقوال والحكم .. وما شاهدنا في هذا العالم من علماء قدروا القراءة وعرفوا قيمتها حتى أنهم جعلوا منها حياة كاملة يعيشها القارئ ويغنم بما يلقاه منها من فوائد شتى وثمار عظمى لا تخفى على أي إنسان ..


أما إذا نزلنا إلى أرض الواقع وطرحنا سؤالا منطقيا على جمهور واقعنا الحالي .. ترى ما هي فوائد القراءة ؟ فلن تحار أو تحتار في أن تجد شابا أو فتاة أو أي شخص عاقل كان يجيبك الإجابة المثلى والفضلى من بين كل الإجابات .. لكنك وللأسف لن تسر إذا طرحت هذا السؤال العملي .. ترى هل أنت قارئ جيد ؟! أو هل تمثل القراءة جزءا هاما وأساسيا لا يستغنى عنه في حياتك ؟! فلن تجد الكثير من يجيبك بنعم ..


فمن هذا المنطلق أردت أن أسلط الضوء على هذا الموضوع الحساس … الذي يحزن كل إنسان صاحب ضمير متيقظ .. بل تعدى الحزن البشر إلى الكتب .. تلك الكتب التي هجرت منذ زمن .. فلم يعد أحد يزورها ويتصفح صفحاتها إلا أولئك الذين قضوا من الحياة ما قضوا وينتظرون الموت … لذا يقضون ما بقي من وقتهم في هذه الدنيا بين هذا العالم الكبير وبين هذه الكتب مختلفة المحتوى … ما أريده من كلماتي هو فقط أن نهتم بثقافتنا وبالأخص الثقافة التي تنظم حياتنا ولا نستطيع أن نسير وفق غيرها ..


لذا أحببت أن نطلع معا على أسباب إهمال هذه العادة المهمة في حياة كل مسلم … والتي بها نكتسب حياة بتجاربها ومواقفها ومعارفها … ربما بل قل أكيد من واظب عليها وصل إلى قمة مستوى راقي في الفكر والعلم .. وتأدب وتخلق بتلك المعاني والمفاهيم القيمة التي يكتسبها يوما بعد يوم ..
ولو تطلعنا معا إلى قائمة الأسباب الرئيسية التي أسهمت بشكل كبير في جعل فئة الشباب والشابات بالأخص تهمل القراءة والثقافة وتتجه إلى أمور أخرى أصبحت الأهم في نظرهم … ويمكن أن نقول أن من أحد الأسباب :

* تطور الزمن والأجيال وتطور الوسائل التقنية المتعددة .. المسخرة للتفاهات التي لا تعود على الأمة بأقل نفع يذكر … وربما كان أعداؤنا يهدفون إلى النيل منا بإرسالهم لنا هذه التقنيات وما يشغل عليها .. وكمثال بسيط ما يعرض على التلفاز .

*غياب التربية المنزلية التي لها دور كبير جدا في غرس هذا المبدأ في نفس الطفل منذ نعومة أظفاره , وجعله يهتم بالقراءة والثقافة وتقديم الحوافز المادية والمعنوية حتى يعتاد عليها ، ويصبح غير قادر على مفارقتها .

* أيضا .. التهاون في ضياع أعز وأغلى ما تملك والذي يمثل العمر والحياة بالنسبة لنا .. ألا وهو ( الوقت ) فعدم تقديره ، وإهماله ، وعدم استغلاله بالمفيد النافع ، وقتله بالتافه الضار من لعب وانشغال بما يلهي العقل من الفتن والشهوات التي تعيق التفكير البناء في الرقي ، والثقافة ، والانتفاع بكل مفيد يعد سببا هاما من أسباب إهمال القراءة .

* وربما يكون الإحساس بالضياع ، وعدم الانتماء هو المشجع الأول على إهمال الثقافة والقراءة .. فالشاب الضائع يشعر أنه لا يعيش فهو يقضي وقتا ، ويتنفس ، ويعد من عداد الأحياء ؛ لكنه يشعر بخلاف ذلك .. يبذل كل ما في وسعه لإسعاد نفسه التعيسة التائهة ، والتي تعيش بدون هدف تحققه ، وتفكر فيه .. إذ أن الثقافة وسيلة هامة للوصول إلى تحقيق المراد من الأهداف المتعددة التي يجعلها الإنسان نصب عينيه أثناء عيشه على سطح هذه الكرة الأرضية .


أما الآن بعد إلقائنا هذه النظرة البسيطة على بعض الأسباب وتلميحنا إلى البعض الآخر ، فيتوجب علينا أيضا التطرق إلى طريق الحل ، وقد نسلط عليه هو أيضا بعض الضوء ونترك البقية لخيال القارئ وتفكيره ، فمشكلة كهذه ليست مستعصية الحل و ليست من المستحيلات لكننا إذا أردنا واهتممنا تكون قد حلت ..
ربما أول حل وأهمه :

* التوعية إذ أن التوعية هي أساس كل حل لأي مشكلة ، فلا نستطيع أن نحل دون أن نشرح ونفصل ونبين ، وتعد التوعية من الشرح والتفصيل والتبيان بكل ما يتعلق بقضية القراءة من أهميتها وآثارها على الفرد والمجتمع .

* قد يكون من الحلول أو المقترحات بمعنى أصح إقامة المسابقات الثقافية التي تعتمد بشكل كبير على القراءة ، واهتمام المنظمات القائمة على التعليم بهذه القضية ، وتقديم كل ما هو مشجع من أجل تنمية هذه العادة الحسنة في نفوس الجميع بمختلف المستويات والأعمار .

* محاولة توظيف جميع الوسائل التقنية الحديثة لتكون من أهم وسائل الثقافة والقراءة .

* ونصل إلى أحد الحلول المهمة التي لا تقل أهمية عن سابقها من الحلول .. الجانب الديني له أهمية كبرى إذ اشتمل ديننا الحنيف على الكثير من المواقف والأدلة التي تحث وتحض كل الحض على القراءة ومن أبرزها وأشهرها ولا تخفى على أي بشر أول كلمة نزلت على خير البشر إلى خير أمة ألا وهي كلمة ( اقرأ ) لتدل على أننا لن نبلغ المراد من العمارة الخيرة في الأرض دون الاهتمام بهذه المرحلة مرحلة الثقافة والتعليم ، والتي نصلها بالقراءة .

بعد هذه المحاولة البسيطة للمساهمة في لفت النظر إلى قضية أو بمعنى أصح نعتبرها مشكلة تعاني منها المجتمعات العربية الإسلامية وهم لا يشعرون كم أتمنى أن تساهم هذه الكلمة ولو بجزء بسيط للوصول إلى الحل المنقذ ..


نهاية ليس لي سوى أن أتوجه بنداء عله يسمع الكل .. أن اهتموا بثقافتكم الأصيلة وحضارتكم العريقة حتى نرتقي جميعا إلى قمة جبل الحضارة ، ونصل إلى مرحلة القيادة التي نقود فيها الأمم ، فيعم الخير والسلام على البشرية بأكملها، ويرضى خالق الكون الذي رضاه مبتغانا جميعا أسأل الله أن يوفق هذه الأمة ويشفي ما بها من علل ، وينير لبنيها بصائرهم ، ويعينهم على تحمل ما أبت السماوات والأرض والجبال بعظمتها أن تحمله .. .. وهي رسالة السماء إلى البشرية جمعاء ..

مع تحيات الأديبة الصغيرة ..